ما هي مدة التقادم في القضايا التجارية: كيف تحافظ على حقك

مدة التقادم في القضايا التجارية

مدة التقادم في القضايا التجارية تُعد من المسائل القانونية الجوهرية التي لا يمكن لأي صاحب مصلحة في المعاملات التجارية تجاهلها؛ فهي التي تُحدد الزمن الذي يسقط بعده الحق في رفع الدعوى، حتى وإن كان الحق ثابتًا. وتكمن خطورة هذه المدة في تأثيرها المباشر على استقرار المعاملات، وحماية الأطراف من الملاحقة القانونية غير المحدودة. ولهذا فإن فهم حدودها القانونية ليس ترفًا معرفيًا، بل ضرورة عملية لكل من يزاول التجارة أو يتعامل معها قانونيًا.

وفي هذا السياق، يبرز مكتب المحامي سعد بن عبدالله الغضيان للمحاماة والاستشارات القانونية والتحكيم كواحد من الجهات الرائدة في تقديم التوعية القانونية الدقيقة حول هذه النقاط المحورية. فمن خلال خبرته العميقة ورؤيته المتقدمة، يضع المكتب نصب عينيه توعية التجار ورواد الأعمال بأهمية التقادم التجاري، وضمان عدم ضياع حقوقهم بسبب الجهل بالمدة القانونية أو إسقاطها بفعل التقاعس. إذًا، ليست القضية في ثبوت الحق فحسب، بل في معرفتك متى ينتهي الطريق القانوني للمطالبة به.

ما المقصود بالتقادم في القضايا التجارية؟مدة التقادم في القضايا التجارية

التقادم في المجال التجاري هو مبدأ قانوني يترتب على مضي مدة زمنية محددة نظامًا، امتناع الجهة القضائية عن سماع الدعوى، حتى وإن كان الحق موضوع الدعوى لا يزال قائمًا من الناحية القانونية. أي أن التقادم لا يُسقط الحق بذاته، بل يُقيد إمكانية المطالبة به عبر الوسائل القضائية بعد انتهاء الأجل المحدد.

ويُعد هذا المفهوم أحد أهم أدوات التنظيم القانوني التي تهدف إلى تحقيق التوازن بين استمرارية النشاط التجاري من جهة، وحق الأفراد في المطالبة بحقوقهم من جهة أخرى. كما يسهم في الحد من النزاعات المتقادمة التي قد تخل باستقرار المعاملات وتعرقل انسيابية العلاقات التعاقدية في البيئة التجارية.

أهمية التقادم في التعاملات التجارية

في سياق التعاملات التجارية المتسارعة والمعقّدة، يمثل التقادم صمّام أمان يحد من التبعات السلبية لتراكم النزاعات القديمة، ويمنح الثقة القانونية للتجار والمستثمرين بإغلاق ملفات النزاعات المنسية. فاستمرار إمكانية رفع الدعوى دون حد زمني يُربك المراكز القانونية ويُقوّض الأمن التعاقدي، لا سيما في المعاملات التي تتكرر وتتشابك بطبيعتها.

ويبرز دور التقادم هنا كآلية قانونية لا تهدف إلى الانتقاص من حقوق الأفراد، وإنما إلى فرض نظام يحكم المطالبة بها، في توقيت يحقق العدالة ويضمن سلامة دورة الاقتصاد.

الأساس النظامي لتقادم الدعاوى التجارية في المملكة العربية السعودية

استند النظام السعودي إلى جملة من التشريعات التي كرّست مبدأ التقادم في القضايا التجارية، حمايةً للتوازن القانوني بين أطراف العلاقة التعاقدية، وتحقيقًا لاستقرار السوق. ويأتي نظام المحاكم التجارية في صدارة هذه التشريعات، حيث نصّ بوضوح على عدم سماع الدعوى بعد مضي خمس سنوات من تاريخ نشوء الحق، ما لم يكن هناك مانع شرعي أو عذر معتبر حال دون رفعها في الوقت المناسب.

كما يدعم هذا المبدأ ما ورد في نظام المعاملات المدنية، الذي أرسى قاعدة “عدم سماع الدعوى بمرور الزمن” كأصل عام في الحقوق الخاصة، ومن بينها الحقوق التجارية، باستثناء ما يرد عليه نص خاص في نظام آخر.

تؤكد هذه المنظومة التشريعية أن المملكة تتبنى سياسة قانونية متوازنة تُمكّن صاحب الحق من المطالبة ضمن إطار زمني معقول، وتمنح الطرف الآخر الحماية من الملاحقات القضائية الممتدة بلا نهاية. وهو ما ينعكس إيجابًا على مناخ الاستثمار، ويعزز الثقة في كفاءة النظام القضائي والتشريعي السعودي.

بداية احتساب التقادم في الدعاوى التجارية

يبدأ احتساب مدة التقادم في الدعاوى التجارية من اللحظة التي ينشأ فيها الحق موضوع النزاع، أي من تاريخ تحقق الاستحقاق الفعلي للالتزام الذي يطالب به المدعي، سواء كان ذلك سداد مبلغ مالي، تنفيذ التزام تعاقدي، أو تعويضًا عن ضرر ناتج عن إخلال أحد الأطراف.

وتُحتسب هذه المدة من التوقيت الذي يُصبح فيه المدعي مؤهلاً نظاميًا لمباشرة الدعوى أمام المحكمة، أي حين لا يوجد عائق قانوني يحول دون التقاضي.لكن المشرّع السعودي، إدراكًا منه لتعدد الظروف الواقعية، استوعب بعض الحالات الاستثنائية التي قد تُعطّل هذا التوقيت، فقرر تأجيل بدء التقادم حال وجود عذر معتبر أو مانع شرعي مثل:

  • القوة القاهرة
  • انعدام الأهلية القانونية
  • الجهل المشروع بوقوع الضرر

وفي هذه الحالات، لا يبدأ احتساب التقادم من تاريخ الحدث الأصلي، بل من تاريخ زوال العذر أو تحقق العلم بالحق، ما يُجسد عدالة مرنة تحمي المتقاضين دون التفريط في استقرار التعاملات.

وقد نصّت على ذلك بوضوح أنظمة سعودية مثل نظام المحاكم التجارية ونظام المعاملات المدنية، ليُرسَّخ بذلك التوازن بين صيانة الحقوق ومنع التحايل بتعليق التقادم بدعاوى واهية.

الاستثناءات من تطبيق التقادم في القضايا التجارية

رغم أن مبدأ التقادم يمثل ركيزة قانونية لضبط المدد الزمنية للمطالبة القضائية، إلا أن النظام السعودي لم يغفل الاعتبارات الاستثنائية التي قد تستدعي تعليق أو انقطاع هذه المدة في ظروف قهرية أو غير اعتيادية.

ومن أبرز تلك الاستثناءات:

  • وجود مانع شرعي أو عذر قانوني معتبر، كالإكراه أو فقدان الأهلية أو الجهل المشروع بالحق، مما يُبرر تأجيل سريان التقادم.
  • إقرار المدعى عليه بالحق صراحةً، وهو ما يؤدي إلى انقطاع التقادم وبدء مدة جديدة من تاريخ الإقرار.
  • الدعاوى المتعلقة بالنظام العام أو الأمن الاقتصادي، وخاصة القضايا التي تتضمن احتيالًا أو غشًا جسيمًا، إذ لا يسري عليها التقادم حمايةً للصالح العام.

ويُعكس من خلال هذه الاستثناءات وعي المشرّع السعودي بضرورة التوفيق بين صرامة التنظيم القضائي ومرونة العدالة، بما يضمن عدم ضياع الحقوق في مهب العوارض.في ضوء التشعبات القانونية المرتبطة ببدء سريان التقادم، وانقطاعه، واستثنائه، قد تُصبح القضايا التجارية ذات أبعاد قانونية دقيقة تتطلب فهماً عميقًا للنصوص النظامية وتطبيقاتها الواقعية.

لذا، يُنصح باللجوء إلى جهة قانونية متخصصة تمتلك الدراية الكاملة بتفاصيل النظام التجاري، مثل مكتب المحامي سعد بن عبدالله الغضيان للمحاماة والاستشارات القانونية والتحكيم، حيث يجد المتقاضون دعمًا مهنيًا رفيع المستوى، يستند إلى خبرة علمية وميدانية تضمن تحقيق أفضل النتائج الممكنة في ضوء الإطار القانوني السائد.

مفهوم الحق الخاص في التعويض عن الضرر

في النظام القانوني السعودي، يُقصد بالحق الخاص حق الفرد في المطالبة بالتعويض عن ضرر لحق به نتيجة فعل غير مشروع، سواء أكان الفعل جنائيًا، أو نتيجة خطأ مباشر، أو إخلالًا ببند تعاقدي مثبت باتفاق بين الطرفين.

ويمثل هذا الحق الركيزة الأساسية للعلاقات القانونية بين الأفراد، ويُمارس من خلال اللجوء إلى القضاء للمطالبة بجبر الضرر ورد الاعتبار، سواء كان الضرر ماديًا أو معنويًا.

التقادم في قضايا الحق الخاص

جاء نظام المعاملات المدنية ليشكل المرجعية الأساس لتنظيم قواعد التقادم في دعاوى الحق الخاص، حيث تبنّى مبدأ “عدم سماع الدعوى بمرور الزمن” كقاعدة قانونية واضحة. ويُفهم من هذا المبدأ أن مرور الزمن لا يؤدي إلى إسقاط أصل الحق، بل يُمنع المدعي من المطالبة به أمام المحكمة إذا لم يُبادر إلى التقاضي خلال المهلة النظامية المحددة.

بهذا، يُكرّس النظام السعودي فصلًا دقيقًا بين وجود الحق موضوعيًا، وإمكانية المطالبة القضائية به إجرائيًا، في إطار يضمن التوازن بين حماية الحقوق ومنع العبث بالعدالة عبر استغلال التقاضي غير المنضبط زمنيًا.

الإطار الإجرائي لتقادم الحق الخاص

نطاق تطبيق نظام المرافعات

يُعد نظام المرافعات الشرعية هو الإطار الإجرائي العام المنظِّم لجميع الدعاوى المرفوعة أمام محاكم المملكة، باستثناء ما يخضع لأنظمة إجرائية خاصة، مثل:

  • الدعاوى الجزائية (المنظمة بنظام الإجراءات الجزائية
  • الدعاوى الإدارية (الخاضعة لنظام ديوان المظالم)

ونظرًا لأن نظام المعاملات المدنية يُنظم المبادئ العامة للحقوق الخاصة، فإن دعاوى الحق الخاص المستندة إلى هذا النظام تخضع إجرائيًا لنظام المرافعات الشرعية.

وبناءً عليه، فإن مدة التقادم المعمول بها أمام المحاكم في مثل هذه الدعاوى تُحتسب وفقًا لما يقرره نظام المرافعات، الذي يُعد المرجع الأساسي لمعالجة المسائل الإجرائية في القضايا الحقوقية.

وينطبق هذا المبدأ أيضًا على عدد من الأنظمة الأخرى، مثل نظام العمل والأنظمة التجارية، طالما أن نظر الدعوى يتم أمام محكمة خاضعة لنظام المرافعات الشرعية.

قضايا لا تخضع للتقادم في النظام السعودي

رغم أن مبدأ التقادم يُعد من القواعد القانونية الراسخة في غالبية الأنظمة القضائية، إلا أن النظام السعودي يُقرّ استثناءات جوهرية تستبعد بعض القضايا من نطاق التقادم، وذلك تعزيزًا لقيم العدالة، وصونًا للحقوق العليا، وتأكيدًا لهيبة الدولة في مواجهة الجرائم الخطرة أو التعديات الجسيمة.

أولًا: القضايا الجزائية غير الخاضعة للتقادم

بعض الجرائم تُعد من الخطورة بمكان يجعلها لا تسقط بالتقادم مهما امتد الزمن، نظرًا لتعلّقها بالنظام العام والأمن الوطني، ومن أبرزها:

  • جرائم الرشوة
  • جرائم الإرهاب وتمويله
  • جرائم تهريب وترويج المخدرات
  • القتل العمد
  • التعذيب والمعاملة اللاإنسانية
  • الاعتداء على الآثار وسرقتها أو تهريبها

وتعكس هذه الاستثناءات حرص المشرّع السعودي على مواجهة الأفعال الجرمية الخطرة بأقصى درجات الجدية، دون السماح بزوال أثرها بمرور الزمن.

ثانيًا: الحقوق المدنية المستثناة من التقادم

في السياق المدني، يُستثنى من التقادم الحق العيني المسجل على العقارات، إذ لا تسقط دعوى الملكية بالتقادم إذا كان العقار مسجلًا في السجلات العينية العقارية. ويظل من حق المالك الأصلي المطالبة باسترداد ملكيته في أي وقت، مهما تقادمت المدة. وهذا الاستثناء يُكرّس مبدأ حماية الملكية الخاصة ومنع تقنين التعدي أو تمكين الغير من كسب الملكية بمضي الزمن.

التمييز القانوني بين تقادم الدعوى وسقوطهامدة التقادم في القضايا التجارية

أولًا: تقادم الدعوى – قيد زمني على سماعها

يقصد بتقادم الدعوى مرور مدة زمنية محددة على نشوء الحق دون أن يقوم صاحبه بالمطالبة به قضائيًا، مما يؤدي إلى عدم سماع المحكمة للدعوى، مع بقاء الحق قائمًا من الناحية الموضوعية.ويُعرف هذا النوع بـ”التقادم المانع من سماع الدعوى”، ويُعد من المسائل غير المرتبطة بالنظام العام، أي أن المحكمة لا تثيره من تلقاء نفسها، بل يجب أن يتمسك به الخصم صراحة.

كما أن هذا النوع من التقادم قابل للانقطاع أو الوقف، كأن يُرفع النزاع أمام المحكمة، أو يُقر المدعى عليه بالحق، أو يظهر مانع شرعي يمنع المطالبة المؤقتة.

ثانيًا: سقوط الدعوى – نهاية قطعية للحق في التقاضي

أما سقوط الدعوى، فهو انقضاء نهائي لحق المدعي في المطالبة، نتيجة سبب قانوني حاسم، كـ:

  • صدور حكم نهائي بات
  • وفاة المدعى عليه في دعاوى لا تقبل الانتقال للورثة
  • صدور عفو عام أو خاص

ويمثل السقوط أحد أركان النظام العام، ويحق للمحكمة الحكم به من تلقاء نفسها دون حاجة إلى دفع من أحد الخصوم. كما أن السقوط لا يقبل الوقف أو الانقطاع، ويترتب عليه أثر قانوني نهائي لا يمكن الرجوع عنه.

تقادم الحقوق العمالية في النظام السعودي

نطاق تطبيق التقادم في القضايا العمالية

بموجب المادة (234) من نظام العمل السعودي – المضافة بالمرسوم الملكي رقم (م/14) لعام 1440هـ – تم إقرار قاعدة واضحة وحاسمة بشأن تقادم المطالبات العمالية، حيث نصت على عدم قبول أي دعوى عمالية أمام المحاكم المختصة إذا مضت اثنا عشر شهرًا على تاريخ انتهاء العلاقة التعاقدية، دون أن يبادر العامل إلى اتخاذ أي إجراء قانوني.ويشمل هذا النص كافة الحقوق العمالية المستمدة من:

  • نظام العمل
  • لائحته التنفيذية
  • أو عقد العمل ذاته

الاستثناءات المقررة لحماية العامل

رغم صرامة المدة، منح النظام استثناءات عادلة، تتيح النظر في الدعوى إذا:

  • وُجد عذر تقبله المحكمة
  • أو صدر إقرار صريح من صاحب العمل بالحق محل النزاع

كما شددت المادة نفسها على ضرورة أن تُنظر القضايا العمالية بصفة الاستعجال، وهو ما يُبرز حرص المشرّع على حماية الطرف الأضعف في العلاقة التعاقدية (العامل)، مع ضمان سرعة البتّ في النزاعات لتفادي تعطيل سوق العمل أو المساس باستقراره.

سقوط الدعوى بالتقادم

جاء تعبير المنظّم السعودي عن سقوط الدعوى بالتقادم من خلال مفاهيم مثل “عدم سماع الدعوى” أو “عدم قبولها”، وهي تعبيرات تحمل دلالة دقيقة: الحق لا يُسقط بذاته، بل يُقيد حق المطالبة القضائية به إذا انقضت المدة النظامية دون اتخاذ إجراء.

نظام المعاملات المدنية: المرجعية العامة لتقادم الحقوق الخاصة

يُعد نظام المعاملات المدنية المرجع الأساسي المنظم للتقادم في أغلب الحقوق الخاصة، ما لم يرد نص خاص في نظام آخر. وقد تبنى النظام قواعد تفصيلية تنظّم مدد التقادم بحسب نوع الحق، من بينها:

دعاوى إبطال العقود: لا تُقبل إذا مضت سنة واحدة من تاريخ علم المدعي بسبب الإبطال. ولا تُسمع بأي حال بعد عشر سنوات من تاريخ العقد إذا لم يعلم المدعي بالسبب.

دعاوى التعويض عن الأفعال الضارة (الضرر المدني): تسقط بمرور ثلاث سنوات من تاريخ علم المتضرر بالضرر وبمرتكبه. وتُقيد بتقادم عام مدته عشر سنوات من تاريخ وقوع الضرر، سواء علم به المتضرر أم لم يعلم.

الحقوق المهنية والدورية: تسقط المطالبة بها بعد خمس سنوات.

الحقوق المتصلة بالانتفاع أو الارتفاق: تسقط الدعوى المتعلقة بها بمرور عشر سنوات.

مدة التقادم في نظام الأوراق التجارية السعودي

نظّم النظام السعودي للأوراق التجارية مدد تقادم الدعاوى المتعلقة بالكمبيالة والسند لأمر والشيك، بما يحقق الاستقرار في المعاملات المالية، ويمنع التراخي في المطالبة بالحقوق

أولًا: التقادم في الكمبيالة والسند لأمر

وفقًا للمادة (84) من نظام الأوراق التجارية، تسري المدد التالية على دعاوى الكمبيالة والسند لأمر:

دعوى الحامل ضد الساحب أو المظهرين: تسقط بعد سنة واحدة من تاريخ تحرير الاحتجاج ضمن المدة النظامية، أوتاريخ الاستحقاق إذا لم يُحرر الاحتجاج.

الدعاوى المتبادلة بين المظهرين أو ضد الساحب: تنقضي بعد مرور ستة أشهر من تاريخ وفاء أحدهم بقيمة الكمبيالة، أو تاريخ إقامة الدعوى عليه.

الدعاوى ضد القابل (الملتزم بالدفع): لا تُسمع بعد ثلاث سنوات من تاريخ الاستحقاق.

يُعامل السند لأمر معاملة الكمبيالة من حيث مدد التقادم، نظراً لوحدة طبيعتهما القانونية كأداتي وفاء.

ثانيًا: التقادم في الشيك

تنص المادة (116) على أن دعوى الرجوع على أي طرف من أطراف الشيك (الساحب، المسحوب عليه، المظهرون) تُمنع بعد ستة أشهر من:

  • انتهاء المدة النظامية المقررة لتقديم الشيك للصرف.

أما الدعاوى المتبادلة بين الملتزمين بالشيك فتنقضي بعد ستة أشهر من تاريخ الوفاء بقيمة الشيك، أو تاريخ إقامة الدعوى.

ثالثًا: فلسفة النظام في تحديد مدد التقادم

تعكس هذه المدد حرص النظام السعودي على:

  • ضمان سرعة حسم المنازعات التجارية.

  • منع بقاء الالتزامات المالية معلقة لفترات طويلة.

  • تحقيق التوازن بين استقرار المعاملات وحماية الحقوق.

  • تعزيز الثقة في الأوراق التجارية كأدوات وفاء معتمدة في السوق.

تقادم دعاوى المسؤولية في نظام الشركات السعوديمدة التقادم في القضايا التجارية

ضوابط التقادم وفق المادة (30) من نظام الشركات

أرست المادة (30) من نظام الشركات السعودي قاعدة قانونية متينة لتنظيم دعاوى المسؤولية ضد:

  • المديرين
  • أعضاء مجالس الإدارة
  • وقد نصّت على أن الدعوى لا تُسمع بعد مرور:
  • خمس سنوات من نهاية السنة المالية التي وقعت خلالها المخالفة، أو
  • ثلاث سنوات من تاريخ انتهاء صفة المسؤول (مدير أو عضو مجلس إدارة)
  • ويتم اعتماد المدة الأطول بين الخيارين لضمان عدالة المحاسبة.

استثناءات مهمة: التزوير والاحتيال لا يخضعان للتقادم

استثناءً من القاعدة العامة، لا يُطبّق التقادم على دعاوى تتعلق بـ:

  • التزوير
  • الاحتيال

ففي هذه الحالات، تبقى المسؤولية مفتوحة دون تقيد زمني، نظرًا لجسامة الفعل وخطورته.

قضايا لا يسري عليها التقادم في النظام السعودي

رغم أن قاعدة التقادم تُعد من المبادئ المستقرة في معظم الأنظمة القانونية، إلا أن القانون السعودي يقر باستثناءات واضحة وصريحة، تتعلق بجرائم وحقوق لا تسقط بالتقادم مهما طال عليها الزمن، وذلك تعزيزًا للعدالة، وصيانةً لهيبة الدولة، وحفاظًا على الحقوق الجوهرية التي لا تقبل التهاون أو التقييد الزمني.

ففي المجال الجزائي، هناك جرائم مصنفة على أنها جسيمة وخطرة لا تخضع لأحكام التقادم على الدعوى الجزائية، ومنها على سبيل المثال لا الحصر:

  • جرائم الرشوة
  • جرائم الإرهاب وتمويله
  • جرائم تهريب المخدرات وترويجها أو بيعها
  • جرائم القتل العمد
  • جرائم التعذيب والمعاملة اللاإنسانية
  • الجرائم المتعلقة بسرقة الآثار وتهريبها أو بيعها

أما في المجال المدني، فيُستثنى من التقادم الحق العيني المسجل على العقارات، حيث لا تسقط دعوى الملكية بالتقادم متى كان العقار مسجلًا في السجلات العينية العقارية، ويظل من حق المالك الأصلي رفع الدعوى لاسترداد ملكيته حتى وإن طال الزمن، وذلك حفاظًا على استقرار الملكية ومنعًا لشرعنة التعدي أو الاستيلاء غير المشروع.

الأسئلة الشائعة 

ما هي مدة انقضاء الحق في تقديم الشكوى؟

تختلف مدة انقضاء الحق في تقديم الشكوى باختلاف طبيعة النزاع وموضوع الشكوى، إلا أن القاعدة العامة التي نص عليها نظام المعاملات المدنية السعودي تتمثل في ما يُعرف بالتقادم الطويل، والذي حُدّد بـ عشر سنوات من تاريخ وقوع الفعل، سواء علم المتضرر به أم لم يعلم، ما لم يرد نص خاص بخلاف ذلك في نظام آخر.

هل تسقط الدعوى الجنائية بالتقادم؟

 ليس جميع الدعاوى الجزائية تخضع للتقادم. فهناك جرائم جسيمة لا تنقضي بالتقادم مهما امتد الزمن، مثل: قضايا القتل، والتعذيب، والإرهاب، وجرائم المخدرات.

أما بعض الجرائم الأخرى، كـ التزوير، فقد نص النظام الجزائي للتزوير على سقوط الدعوى بمرور عشر سنوات من تاريخ ارتكاب الجريمة، باستثناء الجرائم المرتبطة بتزوير توقيع أو خاتم الملك، أو ولي العهد، أو رئيس مجلس الوزراء، أو من ورد ذكرهم في المواد (3) و(10) من النظام، حيث لا تخضع هذه الحالات للتقادم.

ما مدة تقادم دعوى المسؤولية الجنائية ضد الشخص المعنوي؟

تنشأ المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي (مثل الشركات والمؤسسات) عندما تُرتكب جريمة باسمه أو لحسابه من قبل المفوّض بالإدارة، سواء كان مديرًا أو مجلس إدارة. وتخضع هذه المسؤولية لذات مدة التقادم المقررة للجريمة الأصلية. فعلى سبيل المثال، إذا ارتُكبت جريمة تزوير لصالح الشخص المعنوي، فإن الدعوى الجزائية تُقفل بمضي عشر سنوات من تاريخ ارتكاب الجريمة، ما لم تكن من الجرائم المستثناة من التقادم.

وفي الختام، فإن مدة التقادم في القضايا التجارية ليست مجرد رقم في القانون، بل هي جدار قانوني فاصل بين الحق المهدر والحق المحفوظ. إن تجاهلها قد يكلّف الأفراد والشركات الكثير من الحقوق، لذلك فإن الوعي بها يمثل أحد أركان الأمان القانوني في عالم التجارة المتسارع. ومن هنا، يؤكد مكتب المحامي سعد بن عبدالله الغضيان للمحاماة والاستشارات القانونية والتحكيم على أهمية استشارة المختصين عند وقوع أي نزاع تجاري، لضمان عدم تفويت الفرصة القانونية في الوقت المناسب، وحماية المصالح التجارية بكفاءة واحتراف

لا تعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *