يُعدّ فهم شروط دعوى غصب عقار من الركائز الأساسية لكل من يسعى لاسترداد حقه المغتصب في ميدان الملكية العقارية، حيث يشكّل الغصب اعتداءً صارخًا على حقّ مشروع كفلته الشريعة والقانون، ويقتضي رفع الدعوى استيفاء شروط صارمة تتصل بواقعة الغصب ذاتها، وبهوية المعتدي، وبأدلة التملك أو الحيازة السابقة. فالدعوى لا تُقبل جزافًا، بل تُبنى على أُسس قانونية متينة لا تحتمل التأويل، وتستلزم من المدّعي إثبات الضرر والاعتداء المادي المُجرَّد من أي سند نظامي، مع التقيّد بالأجل النظامي المحدد لرفعها، وإرفاق المستندات الداعمة كصك الملكية أو إثبات الحيازة الفعلية.
في هذا السياق، يقدّم مكتب المحامي سعد بن عبدالله الغضيان للمحاماة والاستشارات القانونية رؤية قانونية دقيقة بشأن هذه الدعوى، مستندًا إلى خبرته العريضة في فض منازعات التعدي العقاري، حيث يحرص المكتب على توعية الأفراد بحقوقهم، وتقديم الدعم النظامي المتكامل لاسترجاع العقارات المعتدى عليها.
تعريف غصب العقار في النظام السعودي
يُقصد بغصب العقار في النظام السعودي الاستيلاء غير المشروع على عقار مملوك للغير دون سندٍ نظامي أو إذنٍ قانوني من المالك، وذلك باستخدام القوة أو التحايل أو وضع اليد الجبري. ويُعد هذا الفعل جريمة مدنية تستوجب المساءلة، إذ يشكّل تعديًا صريحًا على حقٍ مكفول بحكم الشرع والنظام، ألا وهو حق التملك المشروع.
ويتحقق الغصب سواء تم نقل الحيازة الفعلية للعقار إلى الغاصب، أو مجرد منازعة المالك في سلطته عليه وحرمانه من الانتفاع به، ولو مؤقتًا. وتكمن خطورة هذا الفعل في كونه انتهاكًا مزدوجًا للحيازة والملكية معًا، ما يترتب عليه أثر قانوني مباشر، يجيز للمتضرر رفع دعوى قضائية لاسترداد حقه وردع المعتدي وفقًا لأحكام القضاء السعودي.
ومن خلال مكتب المحامي سعد بن عبدالله الغضيان للمحاماة والاستشارات القانونية، يمكن تقديم الدعم القانوني الكامل للمتضررين من غصب العقارات، بدءًا من إعداد الدعوى وصولًا إلى استرداد الحق عبر الطرق النظامية المحكمة.
شروط دعوى غصب عقار في النظام السعودي
إثبات الملكية أو السند النظامي:
يشترط على المدعي تقديم ما يُثبت ملكيته للعقار المغصوب، سواء كان ذلك بصك شرعي، أو وثيقة ملكية رسمية، أو حيازة مشروعة مستمرة ومعترف بها نظامًا. ولا تُقبل الدعوى إذا افتقرت إلى سند قانوني يُثبت صفة المدعي في المطالبة.
وقوع فعل الغصب بشكل واضح:
يجب أن يكون هناك اعتداء مادي أو قانوني على العقار محل النزاع، كأن يُستولى عليه دون إذن أو مسوّغ نظامي، أو يُمنع المالك من الانتفاع به أو الدخول إليه، سواء بالقوة أو بوضع اليد أو بالتحايل.
توافر القصد الجنائي (الركن المعنوي):
لا بد أن يكون فعل الغصب قد تم بنية متعمدة، أي أن يكون المعتدي عالِمًا بأن العقار لا يخصه، ومع ذلك يقدم على الاستيلاء عليه أو منازعة مالكه فيه. فالقصد الجنائي يُعد عنصرًا أساسيًا في توصيف الجريمة كـ”غصب”.
الصفة والمصلحة في الدعوى:
يجب أن يكون المدعي هو صاحب الصفة والمصلحة المباشرة في العقار، أي أنه هو المالك المتضرر من الغصب، أو من ينوب عنه بموجب وكالة شرعية.
رفع الدعوى أمام المحكمة المختصة:
تُرفع دعوى غصب العقار أمام المحكمة العامة التي يقع العقار ضمن دائرتها، ويُشترط الالتزام بقواعد الاختصاص المكاني لتفادي رفض الدعوى شكليًا.
وبناءً على ما سبق، فإن دعوى غصب العقار لا تُبنى على مجرد ادعاء، بل تستوجب توفر ركائز قانونية متكاملة من حيث السند، والواقعة، والنية، والاختصاص، وهو ما يجعلها من أكثر الدعاوى حساسية في المحاكم العقارية، ويستوجب تحضيرًا دقيقًا ومرافعة احترافية لضمان استعادة الحق المغصوب.
الأركان القانونية لجريمة غصب العقار في النظام السعودي
الركن المادي
يتمثل في الفعل الإجرامي الملموس، أي الاستيلاء الفعلي على عقار مملوك للغير دون سند نظامي، سواء بالقوة أو بوضع اليد أو بأي وسيلة تُفضي إلى حرمان المالك من حيازته المشروعة، كمنع الدخول أو التصرف فيه.
الركن المعنوي
يشير إلى نية الجاني وإرادته الواعية لارتكاب فعل الغصب، أي أن يكون عالِمًا بأنه لا يملك العقار، ومع ذلك يقدم عمدًا على الاستيلاء عليه أو منازعة مالكه الحقيقي في حقه. ويُعد هذا القصد الإجرامي هو ما يُميّز الغصب عن الخطأ غير المقصود أو التصرّف بحسن نية.
ركن موضوع الجريمة (العقار)
وهو موضوع الجريمة ذاته، ويجب أن يكون عقارًا مملوكًا لشخص طبيعي أو اعتباري آخر، سواء كان مسجّلًا بصك شرعي أو مملوكًا بموجب حيازة مشروعة قائمة منذ زمن. فإذا لم يكن الشيء المعتدى عليه عقارًا، أو لم يثبت أن للضحية حقًا قانونيًا عليه، سقط توصيف الجريمة كغصب عقاري.
وحين تكتمل هذه الأركان، يُصبح الفعل مشمولًا بالحماية القضائية، ويترتب عليه حق المتضرر في رفع دعوى غصب، والمطالبة برد العقار والتعويض عن الأضرار المترتبة، مع إمكانية توقيع الجزاء المناسب على المعتدي بحسب ما يقرره القاضي المختص.
الجهة القضائية المختصة بدعاوى غصب العقار في السعودية
اختصاص المحكمة العامة بنظر دعاوى الغصب
تُعد المحكمة العامة هي المختصة نظامًا بالنظر في قضايا غصب العقار، باعتبارها صاحبة الولاية في الفصل في المنازعات العقارية، ما لم يُحدد نظام خاص خلاف ذلك.
نطاق القضايا التي تختص بها المحكمة العامة
يشمل اختصاص المحكمة العامة القضايا المتعلقة بـ:
-
إثبات ملكية العقار
-
استرداد الحيازة
-
إزالة التعديات
-
الفصل في واقعة الغصب وذلك سواء تعلّق النزاع بعقار سكني أو زراعي أو تجاري.
الاختصاص المكاني للمحكمة
يُراعى عند رفع دعوى الغصب تحديد المحكمة التي يقع العقار ضمن نطاقها الجغرافي، تطبيقًا لما نص عليه نظام المرافعات الشرعية في قواعد الاختصاص المكاني.
شروط قبول دعوى الغصب
لا تُقبل الدعوى إلا إذا قدّم المدعي:
-
ما يُثبت صفته ومصلحته في العقار (مثل صك الملكية أو سند الحيازة).
-
ما يُثبت واقعة الغصب بطرق قانونية معتبرة (مثل الشهود أو المحاضر الرسمية).
تولي المحاكم العامة هذه القضايا أهمية بالغة نظرًا لارتباطها بحقوق الملكية الخاصة، مما يستلزم البتّ السريع وتطبيق الجزاءات الرادعة لحماية الحقوق ومنع التعدي عليها.
عقوبة جريمة غصب العقار في النظام السعودي
يتعامل النظام السعودي مع جريمة غصب العقار باعتبارها تعديًا صارخًا على حقوق الملكية المصونة شرعًا ونظامًا، ولذلك أقرّ لها عقوبات صارمة تهدف إلى ردع المعتدين وصون أملاك الأفراد من أي استيلاء غير مشروع.
فقد نصّت الأنظمة الجزائية ذات الصلة – وعلى رأسها نظام حماية الحقوق – على أن كل من يضع يده على عقار مملوك للغير دون مسوغ نظامي، أو يمتنع عن تمكين المالك الشرعي من الانتفاع به، يُعد غاصبًا ويُحاسب قضائيًا. وتتدرج العقوبة بحسب ظروف الجريمة، وسلوك الجاني، والضرر الناتج عنها، وتشمل:
- إلزام الغاصب برد العقار فورًا إلى مالكه الشرعي.
- التعويض المالي الكامل عن الأضرار التي لحقت بالمالك نتيجة الغصب، سواء كانت أضرارًا مادية أو معنوية.
- إيقاع غرامة مالية تقدّرها المحكمة وفقًا لظروف الواقعة.
- وفي حال ثبوت سوء النية أو الاستمرار في الغصب رغم صدور الإنذار أو الحكم القضائي، قد يُواجه المعتدي جزاءات تعزيرية أشد.
وتُعطي المحاكم السعودية أولوية قصوى لهذه القضايا لما تمثله من مساس مباشر بحقوق الأفراد وطمأنينتهم، ولذلك فإن سرعة البتّ فيها، والحزم في توقيع العقوبة، يُعدان من سمات القضاء في هذا النوع من الجرائم.
الشروط النظامية لـ دعوى استرداد الحيازة العقارية في السعودية
أولًا: الأهلية
يشترط أن يكون المدعي في دعوى استرداد الحيازة شخصًا مكتمل الأهلية القانونية، أو يمثله وكيل شرعي، وأن تُوجَّه الدعوى ضد شخص ذي صفة قانونية في التعدي أو في التهديد بوقوع التعدي. كما يُشترط أن تكون الحيازة التي يطالب باستردادها هادئة، علنية، مستقرة، وواضحة المعالم، وفق ما استقر عليه الفقه القضائي.
ثانيًا: المصلحة
لا تُقبل الدعوى إلا بوجود مصلحة حقيقية للمدعي، تتمثل في وقوع اعتداء فعلي على الحيازة أو ظهور مؤشرات واضحة لاحتمال التعدي عليها، كتصرفات مادية أو قانونية تُهدد استمرارية الحيازة المشروعة.
ثالثًا: الميعاد
أحد الشروط الجوهرية هو الالتزام بالأجل النظامي، إذ يتعيّن رفع دعوى استرداد الحيازة خلال سنة واحدة من تاريخ وقوع الاعتداء أو بدء ظهور علامات تهديد الحيازة، وذلك استنادًا لما نصّت عليه الأنظمة القضائية السعودية.
رابعًا: التمييز بين الحيازة والملكية
من المبادئ الراسخة في النظام القضائي أن دعوى الحيازة لا يجوز أن تختلط بدعوى الملكية؛ فلا يُسمح للمدعي بالمطالبة بإثبات ملكيته في نفس الدعوى المرفوعة لاسترداد الحيازة، كما لا يجوز له التنازل عن طلب إثبات الملكية بغرض المطالبة بالحيازة فقط ضمن نفس الإجراء. هذا ما أكدته المادة 209 من نظام المرافعات الشرعية ولائحته التنفيذية.
خامسًا: عناصر الحيازة
تقوم الحيازة – بمفهومها النظامي – على ركنين متلازمين لا تقوم بدون أحدهما:
- الركن المادي: ويعني السيطرة الفعلية والمباشرة على العقار محل النزاع، بما يشمل التصرف فيه استخدامًا واستغلالًا.
- الركن المعنوي: وهو نية الحائز في اعتبار نفسه صاحب الحق في الحيازة، والرغبة الجادة في الاحتفاظ بها بوصفها حقًا مشروعًا له.
لا تكتمل الحيازة إلا بوجود هذين العنصرين معًا، إذ إن غياب أحدهما يُسقط عنها الحماية النظامية المقررة، ويُضعف مركز المدعي أمام المحكمة.
وعليه، فإن دعوى استرداد الحيازة ليست مجرد إجراء شكلي، بل هي دعامة قانونية متكاملة تستلزم فهمًا دقيقًا للأركان والشروط، والتمييز بين الحيازة والملكية، والالتزام بالمهل النظامية، لضمان استعادة الحق دون الوقوع في طعون إجرائية قد تُفضي إلى رد الدعوى.
النموذج النظامي لصيغة دعوى التعدي على ملك الغير
في المملكة العربية السعودية، تُعد دعوى التعدي على ملك الغير من الدعاوى ذات الطابع المستعجل التي تستوجب اتخاذ إجراءات قانونية دقيقة، تبدأ بالمطالبة باسترداد الحيازة لما تم الاستيلاء عليه بغير وجه حق. وفي هذا الإطار، نعرض لكم نموذجًا نظاميًا لصيغة دعوى استرداد حيازة سند لأمر، يُقدّم أمام المحكمة المختصة وفقًا للأنظمة المعمول بها في النظام السعودي:
التاريخ: ……… الموافق: ………/………/………
إلى: محكمة ……… الموقرة
الموضوع: دعوى استرداد ملكية سند لأمر
مقدمة من:
السيد /……………، الجنسية: ……………، رقم الهوية الوطنية: ……………
المقيم في: ……………،
ويمثله قانونًا: مكتب المحامي /……………، الموطن المختار: ……………
ضد:
السيد /……………، المقيم في: ……………، منطقة / محافظة: ……………، العنوان: ……………
الوقائع:
في التاريخ المذكور أعلاه، فوجئ موكلي بقيام المدعى عليه بالاستيلاء على ممتلكاته المتمثلة في سند لأمر رقم (……………)، دون وجه حق أو مسوّغ قانوني، وهو ما يُشكّل تعديًا صارخًا على ملكية خاصة مصونة بموجب النظام.
وقد حاول موكلي استرداد السند وديًا، إلا أن كافة المحاولات باءت بالفشل، مما اضطره إلى اللجوء إلى القضاء، طالبًا حمايته واسترداد حقه المشروع. وتجدر الإشارة إلى أن سند الأمر المذكور يعود بملكيته الكاملة إلى المدعي، وقد تم حيازته من قِبله سابقًا بصورة مشروعة ومستقرة.
الطلب:
بناءً على ما سبق، وعملاً بأحكام النظام القضائي في المملكة العربية السعودية، وبالاستناد إلى المواد النظامية التي تحمي حق الحيازة وتجرّم التعدي على أملاك الغير، فإننا نلتمس من مقامكم الموقر ما يلي:
قيد الدعوى في سجل المحكمة المختصة.
إلزام المدعى عليه برد سند الأمر محل الدعوى فورًا.
حفظ حق موكلي في المطالبة بالتعويض عن الأضرار المترتبة على التعدي إن وُجدت.
تحميل المدعى عليه كافة الرسوم والمصاريف القضائية.
وتفضلوا بقبول فائق الاحترام والتقدير،
التوقيع: ……………
المحامي الوكيل: ……………
أهم الأسئلة الشائعة
ما المقصود بالحيازة في النظام السعودي؟
الحيازة، كما يُعرّفها النظام السعودي، هي السلطة الفعلية على شيء مادي، يمارسها الحائز إما بنفسه أو من ينوب عنه، ويظهر من سلوكه أنه المالك أو صاحب الحق، سواء كان مالكًا حقيقيًا أو مجرد واضع يد. وتُعد الحيازة محمية نظامًا متى كانت واضحة وهادئة ومستقرة.
ما الحكم النظامي لاسترداد الحيازة؟
يُخوّل النظام السعودي الشخص المعتدى على حيازته رفع دعوى قضائية لاسترداد ما سُلب منه، شريطة استيفاء الشروط الإجرائية والموضوعية، كالأهلية، والمصلحة، والمهلة الزمنية. وتُعد هذه الدعوى وسيلة قانونية لحماية الحيازة دون الحاجة لإثبات الملكية.
إن دعوى غصب العقار ليست مجرد إجراء قانوني، بل هي صرخة حقّ في وجه التعدي، واستعادة لما سُلب بغير وجه حق. وفهم شروط غصب دعوى عقار بدقة يُشكّل الدرع الأول للمالك الحقيقي في مواجهة الغاصب، ويضمن السير في المسار النظامي السليم لاسترداد الملكية. لذلك، فإن الاستعانة بذوي الخبرة القانونية المتخصصة، كفريق مكتب المحامي سعد بن عبدالله الغضيان للمحاماة والاستشارات القانونية، يمثل خطوة حاسمة في إعداد الدعوى وتقديمها مدعّمة بالأدلة والشروط النظامية، بما يكفل للمتضرر إنصافه الكامل واستعادة حقه المشروع. فالقانون لا يحمي فقط من يملك، بل من يعرف كيف يدافع عن ملكه.
لا تعليق