يُعد نظام مكافحة الغش التجاري من أهم الأنظمة في المملكة العربية السعودية لحماية المستهلك وصون نزاهة الأسواق، فهو يضع إطارًا قانونيًا صارمًا يردع كل من يعبث بثقة الناس في السلع والخدمات. يهدف النظام إلى تعزيز الشفافية والمنافسة العادلة، ودعم الاقتصاد الوطني من خلال سوق نظيفة وآمنة.
وفي هذا المجال، يبرز مكتب المحامي سعد بن عبدالله الغضيان للمحاماة والاستشارات القانونية والتحكيم بدوره الريادي في تقديم الاستشارات المتخصصة في قضايا الغش التجاري، مستندًا إلى خبرة قانونية راسخة تسهم في حماية حقوق التجار والمستهلكين، وترسيخ قيم النزاهة والثقة في التعاملات التجاري
نظام مكافحة الغش التجاري في المملكة
يُجسّد نظام مكافحة الغش التجاري في المملكة العربية السعودية الدعامة التشريعية الأهم لحماية المستهلك وترسيخ الثقة في السوق الوطني، إذ يشكّل منظومة قانونية متكاملة تُعنى بصون الحقوق وضبط جودة السلع والخدمات. وقد صدر هذا النظام بموجب المرسوم الملكي رقم (م/19) بتاريخ 23/4/1429هـ، ليحل محل النظام السابق الصادر عام 1404هـ، في خطوةٍ تعكس حرص الدولة على تطوير التشريعات بما يواكب التحولات الاقتصادية الحديثة.
يهدف النظام إلى التصدي لجميع صور الغش والتلاعب التجاري، وتحقيق الرقابة الصارمة على جودة المنتجات المتداولة داخل المملكة، وفق معايير تضمن توافقها مع أحكام الشريعة الإسلامية ومتطلبات الأنظمة المعاصرة، وبما يعزز ثقة المستهلك، ويحافظ على مكانة السوق السعودي كأحد أكثر الأسواق التزامًا بالشفافية والمصداقية في المنطقة.
العقوبات النظامية في جرائم الغش التجاري
قد صيغت هذه العقوبات بدقة لضمان عدم إفلات أي مخالف من المساءلة، وتأكيد أن حماية الثقة العامة مسؤولية لا تُساوم عليها الدولة.
أولاً: العقوبات الأساسية
نصّ النظام في المادة السادسة عشرة على أن المخالف يُعاقب بغرامة مالية تصل إلى خمسمائة ألف ريال، أو بالسجن لمدة لا تتجاوز سنتين، أو بهما معًا، وفق تقدير المحكمة المختصة. وتهدف هذه العقوبة إلى ردع مرتكبي الغش التجاري في صورته الاعتيادية وضمان حماية الأسواق من أي عبث أو تضليل.
ثانيًا: الحالات المشددة
تتضاعف العقوبة في حال ارتكاب الغش بوسائل تنطوي على خطر مباشر على الصحة أو السلامة العامة، مثل استخدام مواد ضارة أو موازين مزوّرة أو بيانات كاذبة عن المكونات، حيث يجوز الحكم بغرامة تصل إلى مليون ريال، أو بالسجن لمدة قد تمتد إلى ثلاث سنوات، أو الجمع بينهما، تبعًا لخطورة المخالفة والضرر المترتب عليها.
ثالثًا: التصرف في المنتجات المحجوزة
ألزم النظام المخالفين بدفع غرامة تعادل قيمة المنتجات المغشوشة مع مصادرتها وإتلافها، منعًا لإعادة تداولها أو الإتجار بها مستقبلاً، وبذلك يُغلق النظام كل منفذ يمكن أن يُستغل للإضرار بالمستهلك أو خداعه.
الجرائم التجارية في ظل نظام مكافحة الغش التجاري
أرسى نظام مكافحة الغش التجاري في المملكة العربية السعودية منظومة تشريعية حازمة تُجرّم كل سلوك يُخل بنزاهة السوق أو يهدد سلامة المستهلك، واضعًا بذلك إطارًا قانونيًا صارمًا لضمان الشفافية والعدالة التجارية. ويُعد من أبرز المخالفات التي نص عليها النظام ما يلي:
أولاً: الخداع والتضليل التجاري
كل فعل ينطوي على تضليل المستهلك أو محاولة خداعه بشأن طبيعة السلعة أو مصدرها أو جودتها أو كميتها، سواء تم ذلك بصورة مباشرة أو عبر أساليب غير صريحة، يُعد جريمة غش تجاري مكتملة الأركان.
ثانياً: الاتجار في المنتجات المغشوشة
نصّت المادة الرابعة من النظام على تجريم عرض أو بيع أو حيازة منتجات مغشوشة بقصد الاتجار أو إعادة توزيعها، إذ يُعتبر ذلك اعتداءً على الثقة العامة ومساسًا بسلامة التداول التجاري.
ثالثاً: التصنيع أو التوزيع غير المطابق للمواصفات
كل من يصنع أو يوزّع أو يستخدم منتجات مخالفة للمواصفات القياسية بما قد يعرّض المستهلكين للخطر أو يخل بسلامتهم، يتحمّل المسؤولية الجنائية الكاملة وفق النظام.
رابعاً: استخدام العبوات أو العلامات المقلدة
يُعد من صور الغش التجاري استخدام أو تداول عبوات أو أغلفة أو ملصقات مغشوشة أو مقلّدة تخالف المواصفات الرسمية، بما في ذلك تزوير العلامات التجارية أو تقليدها بما يؤدي إلى خداع الجمهور والإضرار بالمنافسة العادلة.
بهذه المواد والتجريمات الواضحة، يؤكد النظام على التزام الدولة بسياسة السوق النزيه، ويرسّخ مبدأ أن حماية المستهلك ليست خيارًا، بل واجب وطني يعلو فوق أي مصلحة تجارية.
يُعد نظام مكافحة الغش التجاري ركيزة أساسية لحماية المستهلك وضمان نزاهة السوق. فالالتزام به يعزز الثقة والشفافية في التعاملات التجارية. ويقدّم مكتب المحامي سعد بن عبدالله الغضيان للمحاماة والاستشارات القانونية والتحكيم دعمًا قانونيًا متخصصًا في هذا المجال، لضمان حماية الحقوق وتحقيق العدالة بكل احترافية
منظومة الضبط والتحقيق في نظام مكافحة الغش التجاري
قد منح النظام وزارة التجارة، إلى جانب الهيئة العامة للغذاء والدواء وغيرها من الجهات المختصة، صلاحيات الضبط القضائي الكاملة لضمان سرعة التعامل مع المخالفات وكشف حالات الغش في مراحلها الأولى.وتشمل أبرز الإجراءات المقررة ضمن النظام:
سحب العينات المشتبه بها من الأسواق أو المستودعات وإرسالها إلى الجهات المخبرية المعتمدة لإجراء الفحوص اللازمة للتحقق من مدى مطابقتها للمواصفات القياسية.
تحرير محاضر ضبط دقيقة ومفصلة تتضمن بيانات المنتج والمخالف ومكان الضبط والنتائج الأولية، تمهيدًا لإحالتها إلى النيابة العامة لاستكمال التحقيق وتحريك الدعوى القضائية عند ثبوت المخالفة.
ووفق المادة التاسعة من النظام، تُعلن نتائج الفحص خلال خمسة عشر يومًا بالنسبة للمنتجات الغذائية، مع جواز تمديد المدة لبقية السلع وفق ما تراه اللوائح التنفيذية مبررًا ومناسبًا.
بهذا التنظيم المتكامل، يضمن النظام عدم إفلات أي مخالف من المساءلة، ويُجسد مبدأ العدالة الوقائية، حيث تُتخذ الإجراءات بحزم وسرعة لحماية صحة المستهلك واستقرار السوق، في انسجام تام مع رؤية المملكة في تعزيز الشفافية وتطبيق سيادة القانون.
الإجراءات الوقائية في نظام مكافحة الغش التجاري
ضمان الجودة والفحص المستمر
يتعين على التجار والمصنّعين إجراء فحوصات دورية ومنتظمة للمنتجات قبل طرحها في الأسواق، مع التأكد من مطابقتها للمواصفات القياسية المعتمدة، وتوثيق نتائج الفحص كدليل على الالتزام القانوني.
توثيق مراحل سلسلة التوريد
يجب الاحتفاظ بسجلات تفصيلية لمسار المنتج منذ استيراده أو تصنيعه وحتى وصوله إلى المستهلك النهائي، بما يتيح تتبع مصدر أي خلل أو مخالفة عند الحاجة ويعزز الشفافية أمام الجهات الرقابية.
تأهيل الكوادر وتوعية الموظفين
ينبغي على المنشآت التجارية تدريب موظفيها على آليات اكتشاف المنتجات المغشوشة وطرق التعامل النظامي معها، بما في ذلك إجراءات البلاغ والتنسيق مع الجهات المختصة لتفادي التبعات القانونية.
إدارة الشكاوى والملاحظات بكفاءة
يُعد توثيق الشكاوى والمراجعات الواردة من المستهلكين خطوة محورية في تطوير الأداء التجاري، وينبغي إعداد خطط استجابة فورية لمعالجة تلك البلاغات، مع الاستفادة من الرقم الموحد المخصص لتلقي بلاغات الغش التجاري لضمان سرعة التواصل مع الجهات الرقابية.
إن تبنّي هذه الإجراءات الوقائية لا يحمي التاجر فحسب، بل يُسهم في تعزيز الثقة العامة بالمنتجات الوطنية، وترسيخ مكانة السوق السعودي كأحد أكثر الأسواق التزامًا بالشفافية والجودة في المنطقة.
كيفية الحصول على شهادة البراءة من الغش التجاري
تقديم طلب رسمي إلى الجهة الرقابية المختصة مرفقًا بالمستندات التي تؤكد التزام المنتج بالمواصفات والمقاييس المعتمدة.
خضوع المنتج للفحص المخبري والتحليل الفني داخل المختبرات المعتمدة وفق ما تنص عليه اللوائح التنفيذية للنظام.
إصدار شهادة براءة رسمية تثبت خلو المنتج من أي مخالفة أو غش، وتُسجل لدى الجهات الرقابية لضمان الحقوق القانونية لصاحب الشأن.
الفروق الجوهرية بين النظامين القديم والجديد لمكافحة الغش التجاري
شهد نظام مكافحة الغش التجاري في المملكة العربية السعودية نقلة نوعية جوهرية عند تحديثه بموجب المرسوم الملكي رقم (م/19) لعام 1429هـ مقارنة بالنظام السابق الصادر عام 1404هـ، حيث أعاد صياغة فلسفة المواجهة القانونية للغش التجاري من مجرد معالجة بعد وقوع الضرر إلى منظومة وقائية ورادعة أكثر شمولًا وفعالية.
اتساع نطاق التجريم وتعريف المنتج المغشوش
لم يعد النظام الجديد يقتصر على السلع المتضررة أو المزيفة فقط، بل وسّع المفهوم ليشمل كل صور التلاعب أو التضليل أو المساس بجودة المنتج أو بياناته أو منشئه، سواء في الشكل أو المضمون، بما يتماشى مع المعايير الحديثة لحماية المستهلك.
تشديد العقوبات وتفعيل الردع الفعلي
رفع النظام الحديث سقف العقوبات لتصل إلى غرامات مالية كبيرة وسجن أطول في الحالات الجسيمة، مؤكدًا أن الغش لم يعد مخالفة تجارية بسيطة، بل جريمة تمس الأمن الاقتصادي والمصلحة العامة.
تنظيم دقيق لإجراءات الضبط والتحقيق
أدخل النظام الجديد آليات تفصيلية تشمل سحب العينات، والتحليل المخبري، وتوثيق المحاضر، وإحالتها للنيابة العامة، بما يضمن الشفافية ودقة الإجراءات القضائية.
إضافة أحكام عصرية لحماية المستهلك الرقمي والمستوردات.
استحدث النظام أحكامًا تُحمّل المسؤولية عن المنتجات المستوردة والمباعة إلكترونيًا، مواكبًا لتطور التجارة الحديثة والتحول الرقمي في الأسواق.
إجراءات مواجهة الغش التجاري في المملكة
هذه الإجراءات لا تتعامل مع الغش كواقعة معزولة، بل كنمط مهدِّد للثقة العامة، ما يستدعي سرعة التحرك وصرامة التنفيذ.
استقبال البلاغ والتحقق من المعلومة
تبدأ العملية بتلقي البلاغ من المستهلك أو الجهة الرقابية عبر القنوات الرسمية مثل الرقم الموحد (1900) أو المنصات الإلكترونية، حيث يتم تسجيل الواقعة ومراجعة تفاصيلها مبدئيًا قبل الانتقال للخطوة التالية.
التحقيق الميداني وضبط المخالفة
تتولى الفرق الرقابية إجراء المعاينة الميدانية وجمع الأدلة، مع سحب العينات المشتبه بها وفحصها مختبريًا للتأكد من مخالفتها للمواصفات القياسية، ثم إعداد محضر ضبط مفصل يوضح طبيعة المخالفة والجهة المسؤولة عنها.
الإحالة إلى الجهات القضائية المختصة
بعد استكمال التحقيق، تُحال القضية إلى النيابة العامة ومن ثم المحكمة المختصة، لتحديد العقوبة النظامية المناسبة وفق جسامة الفعل والأضرار المترتبة عليه.
تنفيذ العقوبات والمتابعة الرقابية
تعمل الجهات المعنية على تنفيذ الأحكام الصادرة ومتابعة التزام المخالفين بالعقوبات، سواء كانت غرامات مالية، أو إغلاق منشآت، أو سحب منتجات من الأسواق.
التوعية الاستباقية والرقابة الوقائية
لا يقتصر النظام على الردع والعقوبة، بل يولي اهتمامًا كبيرًا لـ برامج التوعية والرقابة الوقائية التي تستهدف رفع وعي التجار والمستهلكين، وتحقيق بيئة تجارية آمنة تقوم على الثقة والشفافية.
ختامًا، يُعد نظام مكافحة الغش التجاري ركيزة أساسية لحماية المستهلك وضمان نزاهة السوق. فالالتزام به يعزز الثقة والشفافية في التعاملات التجارية. ويقدّم مكتب المحامي سعد بن عبدالله الغضيان للمحاماة والاستشارات القانونية والتحكيم دعمًا قانونيًا متخصصًا في هذا المجال، لضمان حماية الحقوق وتحقيق العدالة بكل احترافية.





لا تعليق